يوميات معلمة روضة - الحلقة الثانية

Blog Image
  • Author

    حنان شبيطة

    معلمة روضة - منتيسوري
  • Date

    25 April 2019

بعينين خائفتين و شفتين مزمومتين و أنفاسٍ متسارعةٍ  ويدان ترتجفان، قام الطفل سامي بدفع البرج القائم على الطاولة و الذي قد بناه من المكعبات و كأنه أحدث زلزالاً صغيراَ، قام بدفعه على الأرض معلناً اعتراضه على خروج أمه من الغرفة، ركض مسرعاً نحو أمه التي قد شارفت على الخروج و أمسك بيدها و بدأ بالصراخ " ماما ... ماما الى أين تذهبين ، ابقي معي !" .
راقبت الطفل بشكل سريع و أنا أسجل ملاحظاتي السريعة في عقلي لأعرف كيف سأتصرف معه دون أن أخلق حاجزاً بيني و بينه، و كانت أهم ملاحظة في تلك اللحظات السريعةِ هي أن الطفل سامي كان يمسك بيدِ أمه و يشدها ليقنعها بالدخول معه, ولم يكن يطلب منها أن تأخذه معها للخارج، و هذه بالنسبة لي كانت اشارةً مهمةً على أنه أحب المكان و لكنه قد احتج و انتفض و غضب من خروج أمه التي تمثل له الأمان، فكيف سيسمح لها بمفارقته!
تأثرت الأمُ سريعاً بردة  فعل طفلها و نظرت اليّ بقلقٍ بالغ، واجهت قلقها بإبتسامةٍ عريضةٍ و همست بأذنها و قلت: " لا تقلقي, فردّة فعل طفلك طبيعية جداً". طلبت من الأم أن تدخل مرةً أخرى لوقتٍ قصيرً، و طلبتُ منها أن تجلس على كرسيٍّ بعيد عن طفلها و قريب من الباب. جلستُ أنا و سامي على السجادةِ على الأرض بجانب البرج المهدوم، أمسكت يديه بحنان و نظرت الى عينيه بشكل مباشر و قلت له : " لماذا تبكي يا صغيري ... كانت ماما ستخرج لوقت قصير ثم ستعود، و كُنتَ ستكمل بناء بُرجِكُ الخاص، لا تخف أنا معك و سأساعدك في البناء" .
نظر إليَ  الطفل الصغير و قد أظهر لي القليل من الطمأنينة و هذا ما كنتُ أريده. بدأت باللعب معه و انسجمنا في بناء المكعبات مع بعضنا، و كان سامي قد بدأ بالتحدث معي و لكن بخجل واضح. نظرت الى الأم و كنت قد اعطيتها اشارة بالخروج، خرجت بهدوء دون أن يشعر طفلها.
بعد قليل انتبه سامي بأن أمه قد خرجت!.. وقف سريعاً و لكن ردّة فعله وغضبه كان أقل من المرة السابقة و قال بخوف : " أين ماما ؟" أجبته بعناقٍ سريع و قلت له ستعود بعد قليل لنكمل أنا و انت بناء البرج معا" .
في هذه الأثناء طلبت من مساعدتي أن تحضر أحد الأطفال الهادئين المنسجمين مع المكان حتى يجلس و يلعب مع سامي، فإنسجام الأطفال مع بعضهم مهمٌ جداً لبقائهم هادئيين و هذا ماحدث، عرّفتُ الطفلين على بعضهم ثم انسحبتُ وتركتهم مستمتعين .
بعد مرور ساعتين من الوقت، بدأ الهدوء يرفرفُ على الغرفة الصفيّة و كنت أنا و مساعدتي نطبقُ نشاطاً تلو الأخر في محاولاتٍ مستمرةٍ لكسب انتباه الأطفال وحبهم ، فهذا ما أراهن عليه ليوم غد حتى يأتي الأطفال بحماسٍ في اليوم التالي .
دُقَّ الباب و فُتح، أطلت أم سامي من الباب و نظرت بقلق داخل الغرفة الصفية و ارتسمت على وجهها علامات التعجب و الدهشة و الاستغراب .......... يتبع

ملاحظة: القصة مأخوذة من أحداث حقيقية ولكن تم تغيير الأسماء إحتراماً لخصوصية الأطفال.