عشر دقائق على الدوام

Blog Image
  • Author

    حنان حجازي

    معلمة تربية فنية
  • Date

    04 February 2019

تتزاحم يومياتي بأحداثٍ كثيرةٍ، أحياناً أختارُها وغالباً ما تُفرض عليّ. اقتربُ وقتُ الدوام المدرسيّ, باقٍ من الزمنِ بضعُ دقائق، أعمالي كثيرةٌ أشعرُ أنَّها لا تنتهي ! الساعةُ تمرُّ كأنّها تُريدُ أنْ تُسابقني! مَنْ سينتصر أنا أم الوقت؟!.
تمرُّ الساعات ويُصبحن دقائقٌ معدودةٌ  لتقتربَ من الدوام، لا أريدُ أن أتأخر فأنا لا أُحب أنْ يُدرجَ اسمِي تحت بندِ المتأخرين؛ بدأتُ أُعتابُ الوقتَ بأنّه يمرُّ بسرعةٍ، لكن دون جدوى. باقٍ من الوقتِ عشر دقائق، ليُرَّن جرسُ المدرسةِ أتخيلُ نظراتِ المديرةِ التي لاتُريحُني، و تهديداتُها لي بالقوانين, وقفتُ لانتظارِ السيارةِ! وحين يتحالفُ سوءُ الحظِ مع المُتأخرين, لا بُدّ من مواجهةٍ صعبةٍ. وأخيراً وجدتُ سيارةً تقفُ لي بكلِ برودٍ وبدأ السائق يدورُ بأحياءِ  المدينةِ مُتجاهلاً الوقت. أيقنتُ بأنِّي تأخرت!
 تجاهلتُ عقاربَ الساعةِ التي بيدي حتى لا أوترَ نفسي أكثر. وبدأتُ أستعد للمعركةِ التي سأواجهها مع المديرة, وأنني لن اسمح لها بأنْ تتحدث معي بصورةٍ غيرُ لائقة. وأخذتْ الأمورُ تتصاعد بداخلي، وأخيراً وصلْتُ المدرسة.
وفي هذه الأجواءِ المشحونةِ بالتوتر، والقلق الناتج عن التأخير, وجدتُ زميلتي  تستقبلُني بابتسامةٍ لا أفهمُ معناها, والجميعُ يتجه إلى الفصولِ الدراسية، لا يُوجد أحد في الساحة! بدأتَ أسير بخطواتٍ ثابتةٍ ، لا أخشَ أحد، "فَــواثق الخطوة يمشي ملكاً، حتى لو كان مُتأخراً. بدأتُ أتجه نحو غرفة المديرة للتوقيع في دفتر الحضور لتحدثُ المفاجأةُ الكُبرى, التي أسعدني  بها القدر وهي أن المديرة غائبة اليوم.
 هدأت أنفاسي قليلاً وذهبت الي حصتي وانا أحمل حظي السعيد لهذا اليوم. لكن أكثر ما لفتَ انتباهيَ لهذا اليوم هو أنَني لم أسمعْ ضجيج طالباتي, وعدتُ وتأكدت من جدوليَ الحصصي مرةً, أُخرى وتأكدتُ أنَني على هذا الفصل. وقفتُ عندَ البابَ قليلاً فوجدتُ طالبةً تقودُ الفصلَ و تتقمص دور المعلمة بجدارةٍ.  وتقول لهم بأنّنا لا بُدّ من أنْ نُسَيّرَ الحصةِ وكأنَ المعلمة بيننا. وطلبت منهم إخراجَ كراساتِهم وكتبِهم وبدأتْ تأخذُ الحضور والغيابَ, وتُسجلُ معلوماتها على السبورةِ كأنّها معلمةٌ تقودُ الفصل!
أحياناً يُشاءُ لنا أن نتأخر ليظهرَ مثلُ هذه الشخصياتِ القياديةِ التي نبحثُ عنها دائماً, وفي هذه اللحظةِ دخلتُ عليهم وشكرتُهم على هذا التعاونِ والالتزام, وطلبتُ منهم إكمال الحصة فقد أُعجبتُ بتلكَ الشخصيةِ القياديةِ التي أدارت الفصل وضَبطتِ الفصل بهدوءٍ والتزام.