بشكل عام يعاني كل منا بدرجة ما  من عدم التوازن  في الأفكار أو المشاعر ، لوقت ما، أو عند حدوث صدمة ما, ولكن ينتهي الأمر عند تجاوز هذه الصدمة, ولكن المشكلة تكمن في الاستمرارية مع وجود مشكلات في الحياة الشخصية والاجتماعية والمهنية  نتيجة لهذا الأمر.

فهل حدث لك  في أي وقت  شعرت بالهزيمة، وفقدت العزيمة، والدافع والحافز، وحتى ان ظهر لك ظروف تسمح لك بالنهوض واستكمال الطريق  وانك لم تستغل هذه الظروف ولم تفعل شيئاً هنا ما يسمى بالعجز النفسي. فما هو ودلالاته وكيف لنا تجنبه؟  نستعرض ذلك في المقال التالي:

العجز النفسي :-

عندما يتعرض الشخص إلى مواقف ضاغطة، أو أحداث صادمة، قد يصيبه ترهلاً نفسيًا، وقد يكتسب العجز الذى يظهر فى الاستسلام تمامًا، على الرغم من أن بإمكانه النهوض من جديد،ولكنه لا يفعل شيئاً.

إنها ظاهرة معروفة فى علم النفس السلوكى، وتُسَّمَى «العجز المكتسب» Learned helplessness، فالذى يتعرض لمواقف صعبة ولا يمكنه التحكم فيها، ولا يقاوم ولا يحاول أن يقوم من عثرته ، فيصبح معتاد على الاستسلام.

يقول سليجمان إن العجز المُكتسب يحدث عندما تصبح سلبيًا فى مواجهة الصدمات، وأن تتعلم بصعوبة أن موقفك ذلك يُصعِّب الأمور، وأن كل ذلك يزيد الضغط عليك.

وقد يتطور الأمر في أن يصبح الشخص مكتئباً، ويدخل في دائرة الاكتئاب، خاصة بعد تعرضه لهزات نفسية شديدة وصدمات متتالية وعدم القدرة على تأكيد الذات وإثباتها وعدم المقدرة على تحمل المسؤولية مثل اتخاذ القرارات، وقد يحدث ذلك بسبب التنشئة الاجتماعية الخاطئة التي تجعل الأولاد الذكور والإناث عاجزين عن قبول ذاتهم وعن تأكيد ذواتهم ، وعدم القدرة على تقبل دورهم النفسي والاجتماعي.

بمعنى آخر هوعدم قدرة الشخص عن أداء وظيفته أو دوره كأب أو زوجة أو طالب أو عامل أو صديق فإنه يعاني من النقص أو العجز  ، وهو حالة يصل إليها الفرد بعد مرور تجارب عديدة متسلسلة من فقدان القدرة على السيطرة على الظروف البيئية المحيطة به مما يولد عنده الاعتقاد بأنه لا يملك السيطرة على نتائج الأحداث بأن لا يوجد علاقة بين جهده المبذول (السلوك) وبين التغيرات البيئية أي انه مهما بذل من جهد ووقت فإنه من غير الممكن تغيير وضعه ومكانه

إن الطالـب الـذي تهتـز شخصـيته تضـعف دافعيتـه نحـو التعلـيم أو تقـل قدرتـه فيه بحيـث يصـبح يعـاني مـن العجـز فـي الأداء الدراسـي وبـدلاً مـن أن تتجـه دوافعـه للنمــو تقف  فــي إطــار الــنقص الذي يشعر به ويفشل الفرد  ويصاب بالعجز النفسي. 

لكن لماذا تصيب هذه المشكلة بعض الناس دون غيرهم؟ وذلك قد يكون بسبب عدد التجارب السلبية التى يمر بها الشخص مثل الصدمات والمعاناة  او من عنف منزلى سابق في مرحلة الطفولة، وحرمان مادى وإنسانى شديد فإن ذلك يمهد للعجز المكتسب.

هناك عدد من الدراسات التي تناولت العلاقة بين الطفولة التعيسة والاضطرابات النفسية لاحقاً والإصابة بالعجز المبكر، وظهور الإنسان بمظهر أكبر من عمره الحقيقي, وتبين أن هؤلاء الذين عانوا من القلق والاكتئاب أو المخاوف المختلفة في سنوات الطفولة والمراهقة حدث لهم تراجع في القدرات الذهنية والإدراكية كما قلت التوصيلات العصبية الخاصة بالإحساس أكثر من أقرانهم من الأصحاء، ودائماً كانت هناك تعليقات على مظهرهم بأنه يبدو أكبر من عمرهم ، وان هناك صلة قوية بين المعاناة من الأمراض النفسية في فترة مبكرة من عمر الإنسان وبين إصابته لاحقاً بعلامات الشيخوخة المبكرة على المستوى العضوي والعصبي والنفسي. 

وقد أظهرت الدراسات انه من أهم أسباب العجز النفسى فى الطفولة: الإساءة النفسية والبدنية لهم، والإهمال العاطفى، الذى يعلمهم الضعف والعجز، ومن ثم يتولد لديهم تقدير ذاتى سلبى، ودافعية أقل للنجاح، وعدم طلب للمساعدة، وكذلك انخفاض درجة التحصيل الدراسى، ثم الإحباط والعزوف عن المشاركة فى أى شىء.
ووجد أن  الأشخاص الذين يعانوا من العجز النفسي غير قادرين على الإبداع في عملهم أو العمل بشكل جاد وكذلك لا يقومون بتطوير أنفسهم بالشكل الذي يجعلهم مطلوبين في سوق العمل، مما يدخلهم في دائرة مفرغة من الإحباط وعدم الإنجاز. وفضلاً عن ذلك فإن معظمهم يقدمون على إدمان المخدرات والكحوليات،.

وقد أشار أيضاً العلماء إلى أن العادات الصحية السيئة المرتبطة باعتلال الحالة النفسية هي السبب في العجز المبكر، وعلى سبيل المثال ارتباط الاكتئاب بتناول الطعام بشراهة خاصة الكربوهيدرات، مما يؤدي إلى البدانة المفرطة التي بدورها تجعل المظهر يبدو أكبر من الأقران، فضلاً عن مخاطرها العضوية مثل زيادة الكوليسترول، وتصلب الشرايين، وأيضاً التدخين والدور السيئ الذي يلعبه في فقدان نضارة البشرة وجعلها تبدو أكبر عمراً ، بالإضافة إلى اضطرابات في النوم ، وضعف الذاكرة  وضعف مناع  الجسم بشكل عام

وللحديث بقية  ....