رسائل زوجة: ألقاكم في المحطة القادمة

Blog Image
  • Author

    حنان شبيطة

    معلمة روضة - منتيسوري
  • Date

    18 June 2022

الرسالة الثالثة...

وقف أمام الباب قبل خروجه و قال لي وهوغاضب: من الواضح بأنك لم تنظري الى المرآة منذ مدةٍ طويلةٍ، و لم تلاحظي الهالات السوداء حول عينيك، والانحناءات و الترهلات في جسدك، و سمحت للتجاعيد بأن تتسلل لوجهك و يديك ، و نسيت منذ مدة خصلات شعرك الطويل الذي لطالما أحببته.

بعدما أفرغ كلماته خرج و أغلق الباب بقوة هزت كياني.....

وقفتُ مطولاً أمام المرآة، نظرتُ الى عينيَ والى جسدي و يَدي، ولمست شعري الطويل و رميته خلف أُذني، و سألت نفسي و قلت هل هكذا أصبحت فعلاً كما وصفني زوجي أم أنه يبالغ ليترك الجروح في نفسي ، نظرت و دققتُ و فكرت و تنفست عميقاً و حبست دموعي و قررت بأن أرد عليه بهذه الرسالةِ و قلتْ فالتسمع مني ياسيدي أجوبتي و تفسيراتي على كلامك الذي كان له أثر وضع الملح على الجروح:

فأَمّا هالاتي السوداء فهي لوحة رسمتها أنا و طفلي في منتصف الليل لَبَيّتُ فيها احتياجاته و أغرقته بحبي و حناني ليشعر بأنني حارسته التي لا تنام.....

و أما الترهلات و الانحناءات فهي آثار بقيت على جسدي لأني حولته مسكناً لطفلي و طفلك مدة تسعة شهور و مازلت لا أجد الوقت لعمل بعض الترميمات....

وأمّا  التجاعيد التي تسللت الى وجهي و يدي ما هي إلاّ حكاياتي معكم التي أرويها بتعبي و جهدي وعواطفي ووقتي الذي أهديته لكم منذ سنوات.....

و أمّا شعري الطويل المتناثر فما هو إلاّ دليلٌ على أنوثتي التي نسيتها في بعض محطات قطار رحلتنا و التي تركتني فيها وحدي أُصارع الوقت لأوصِل أطفالي لبر الأمان.

و لكن أتعلم شيئاً.... ما قلته لي أيقظي و جعلي أُفكر كثيراً ، هل أنا نادمةُ على ما قدمته من وقتٍ و جهدٍ لكم نسيت فيه نفسي و حياتي و أنوثتي؟

اجابتي هي : لا و ألف لا ... فأنا فخورةٌ بأمومتي و أنوثتي و جهدي و تضحياتي و انجازاتي،و لكني أعتقد بأنه حان الوقت لنتناوبَ و نتشارك في محطات قطار حياتنا،

فأنا لن أسمح لك بالنزول هذه المرة ، فأنت الأب و الشريك و الحبيب، و أنا سأنزل لأستعيد بعضاً مما فقدت و سألتقي بكم في المحطة القادمة.