رحلة التغيير

Blog Image
  • Author

    حنان حجازي

    معلمة تربية فنية
  • Date

    25 April 2019

كان أكثرَ شيء يُزعجني بطفولتي هو حجم جسمي الُممتلئ الذي كان في كثيرٍ من الأحيانِ ما يُثيرُ سخريةَ زملائي مني  و يقف عائقاً في تكوين علاقات صداقة مع الآخرين. في بداية العام لا أحد يرحب بجلوسي بجانبه !!لاني أشغل حيزاً كبيراً من المكان مما يُعيق حركة من يجاورني وفي غالبِ الأحيان يكون نَصيبي في آخرٍالفصل مع المتأخرين دراسياً ،  يبدو أن كل منَّا يُكملُ الآخر بنقصه.

رغم كل هذه الأشياء لم أفكر يوماً في تغير حجم  جسدي ولا إنقاص وزني! كانت لعبتي المفضلة هي كرة القدم  رغم أن أستاذ الرياضة لم يختارني يوماً للعب في فريق المدرسة، لكن كنتُ أمتلكُ روحاً رياضية أمازح الجميع بها حتى يتقبلوني بسعة حجمي، فكثيراً ما كنت أمازح أُستاذي، قائلاً :"لن يفوز الفريق طالما  لم أكنُ أحد أفراده" فيُلاحقني قائلاً : "اذهب بعيداً  فأنتَ تساوي فرقةً كاملةً" فتعلو ضحكاتُ الجميع بتهكمٍ وسخريةٍ! كانت تزعجُني هذه التعليقــات وتؤذي مشاعري لكنَّها لاتدفعني إلي التغير.

وكل هذا لا يمنعُني من حب هذه اللعبة وممارستِها حتى وأنا عائد من المدرسة  كانت هوايتي المفضلة أن أركض خلف حجرٍ أجده في طريقي أقذفه يميناً ويساراً كأنه كرة أدحرجها بين قدمي فلا أشعر  بطول الطريق.  وفي أحد الأيام و أنا أُمارس لعبة كرة القدم، قذفتُ الكرة بقوةٍ لتستقرَعلى مكتب المدير!  كنتُ وكأنني أطلقت صاورخاً  فالجميع هرب بعيدا ً عن المكان حتى لايقع أسيراً تحت عصا المدير. فكرت أن أركض بعيداً إلا أن حجم جسمي الممتلئ سيكشفني فلا شئ يُخفيني فأنا مميزٌ بين الطلاب. و تعالت دقاتُ قلبي حتى سمعتها أُذناي خوفاً من مواجهة المدير!  فأشار المدير إلي من بعيد أن أحضُر إليه.  وحين اقتربت منه خفضت رأسي و اعتذرت له وقلت لم أقصد فعل هذا، وأنا  متحملٌ أي عقاب تفرضه علي.

نظر إلي المدير بشفقه وقال أريدك أن تعاقب نفسك  بنفسك! هنا هدأت أنفاسي قليلاً فابتسمتُ وقلت:"وما عقاب من كان حجم جسمه كبيراً إلا قله الطعام " ابتسم المدير وقال:" يبدوا أنك تلميذٌ فكاهي وأنا موافق على هذا العقاب  وسأتابع معك نتيجة العقاب من الأسبوع القادم"هنا حدثت نفسي قائلاً:" أنا كنت أُمازح المدير  لعل مُزحي يقلل من عقابي ويشفع لي"! .واجهت نفسي بقوة لماذا لا أفكر في إنقاص وزني؟ الذي يحرجني في كل مكان ويحرمني من صداقات كثيرة ومن ممارسة موهبتي المفضلة ؟! وهنا قررت  الالتزام بالعقاب وبدأت معركتي القاسية مع الرجيم.

وفي اليوم التالي استيقظتُ باكراً لأُغير َطقوس عاداتي القديمة واصنع لنفسي مناخاً جديداً يتناسب مع قله  طعامي. في الحقيقة انا في احتياج  هذا التغير.  في الأسبوع الأول كانت بدايتي صعبةٌ لكن التشجيع من الجميع كان حافزاًقوياً لي. وقودا يُشعل حماسي  حتى مدرس الرياضية ادخلني في فريق المدرسة . وخلال سته أشهر كان جسمي طبيعياً كل من يراني يتفاجأ كيف صنعت هذا التغير رغم  أن عمري لم يتجاوز الثلاثة عشر عاماً. حتى مدير المدرسة حين صادفني قال لي انت لم تعاقب نفسك بل كافأتها بهذا التغير.