يوميات معلمة روضة - الحلقة الرابعة

Blog Image
  • Author

    حنان شبيطة

    معلمة روضة - منتيسوري
  • Date

    25 April 2019

كان ما قالته موجعاً جداً و صادقاً جداً! تمالكتُ نفسي خلال لحظات وبدأت أبحث سريعاً عن جوابٍ مناسبٍ لما قالته، كان تخيل الموقف الذي شاهدته حليمة من أبويها صعباً عليّ أنا فكيف سيكون وقع ما رأته هي داخل نفسها. صدقاً لم أجد جوابا يناسب حُزن عينيها، قلت لها لعلك يا صغيرتي قد فهمتي ما فعله بابا بشكل خاطىء، ردّت بسرعة وغضب و قالت : لا فهو يفعل ذلك دائماً بماما ! قلت لها حينها إن ما يفعله بابا خاطيء فالضرب  سلوك غير مقبول و ممنوع .

عادت طفلتي حليمة الى مكانها والحزن ظاهراً عليها ،كانت هذه الطفلة حساسةً جداً و هذا كان سبباً في تقلب مزاجها بشكل دائم، فالسعادة تبدو عليها بشكلٍ واضحٍ اذا ماكانت سعيدة والحزن أيضاً.

أنهيت الحصة و خرجتُ الى وقت راحتي الذي لم أشعر به بالرّاحة، فالقد شعرت بالمسؤولية بشكل كبير تجاه هذه الطفلة ، فكيف سأتصرف! قررت أن أستشير مشرفتي وعرضت عليها الموضوع وقد بدت متأثرةً جداً لبراءة و صعوبة الموقف في نفس الوقت.

قالت لي : استمري في ملاحظة و مراقبت هذه الطفلة حتى نتأكد أن هناك حاجة لإستدعاء والديها لمناقشة الموضوع. قررت أن أتقرب من حليمة بشكلٍ أكبر، ففي كل يوم كنت أتحدث معها في أوقاتٍ مختلفة و أصبحت علاقتي بها ممتازة فلقد كسبت ثقتها وحبها.

في كل يوم كان والدُ حليمة هو من يأتي لأخذها هي و أختها سعاد من المدرسة وقت المغادرة، وكنت دائما ألاحظ حُب حليمة لأبيها فهي تذهب مسرعةً اليه عندما يأتي ويحملها و يعانقها و يغادر. بعد ما قالته لي "بابا يضرب ماما بالطاولة" اختلفت نظرتي اليه بشكل لاارادي، فكنت أقول في نفسي هل من الممكن أن يكون هذا الأب عنيفاً بهذا الشكل !

مرّ أسبوعان، كان الجو لطيفاً في ذلك اليوم، جمعت الأطفال وقلت لهم هيّا يا صغاري انه وقت اللعب بالخارج، فرح الأطفال جميعاً فكان وقت اللعب هو الجزء المفضل خلال اليوم.           

في ذلك اليوم كان الحزن ظاهراً على حليمة بشكل واضح، فكانت ملتزمةً الصمت ولا تتحدث مع أحد، وكانت عيناها شاردتان بشكلٍ واضحٍ كنت قد لاحظت ذلك و قررت أن أتحدث معها عند خروجنا الى اللعب، خرج الأطفال و انتشروا في منطقة اللعب و السعادة ظاهرةً عليهم.

كانت حليمة ترفض اللعب مع صديقاتها رغم اصرارهم عليها، قلت لهم اتركوها الآن و اذهبوا و العبوا. حملت حليمة و أجلستها على حِرجي و قلت لها مابك يا حلوتي لماذا أنت حزينة؟ هل حدث معك شيْ ؟

التزمت الصمت في البداية و لكني أعدت عليها السؤال و قلت لها هل حدث ما يزعجك؟ انهمرت الدموع من عيني صغيرتي المسكينة و قالت : أختي سعاد تقول ماما ماتت...ماتت، ماما على الأرض كلها دم !!

صدمت و جَفّ حلقي ، قلت لها ماذا تقولين مستحيل أن أمك ماتت ، ماذا حدث قولي لي، أعادت نفس الجملة و قالت "ماما ماتت ...ماتت ! "

غطت حليمة بكفيها الصغيرين وجهها البريء وبكت كثيراً، كل شيء حولي أصبح صامتاً باستثناء بكاء هذه الطفلة الذي هزّ أذني و قيّد يدي........يتبع

ملاحظة: القصة مأخوذة من أحداث حقيقية ولكن تم تغيير الأسماء إحتراماً لخصوصية الأطفال.