منظومة العلاقات في الحياة

Blog Image
  • Author

    هلا فايز

    تخصص علم حاسوب
  • Date

    25 April 2019

يقال أن الانسان بطبعه كائن اجتماعي، بمعنى أنه بالفطرة يسعى دائماً نحو تكوين علاقات والتواجد ضمن مجموعه .فكرة بناء روابط مع محيطك -عدا الروابط الأسرية التي تولد بها تلقائياً-بما يتخللها من عدة ألوان من المشاعر تحت مسمى"علاقات"!  بحد ذاتها ليست سهله .

أولى مراحل تشكيل منظومة العلاقات في الحياة تلك التي تبدأ لحظة دخول المدرسه ، بمعنى آخر في مرحلة الطفولة . صدقاء الدراسة" لا شك أن جمال الأشياء غالباً ما يختزل في بداياتها، تلك الأيام التي مكثنا فيها على مقاعد الدراسه لسنوات بدءا من المرحلة الابتدائية صعوداً لما يليها من مراحل، أول لحظات تكوين العلاقات مع الأقران تلك الفترة الوردية التي جمعت بين براءة الطفولة وعفوية التصرف وصفاء السريرة. العلاقات الأصدق التي بنيناها في طفولتنا التي لم تعرف إلا طعم النقاء، قد تبدو هشة !  لكنها الأصدق .

تليها المرحلة الثانوية, مرحلة إثبات الذات وعقلانية الإختيار، المرحلة التي تبدأ فيها المشاعر تنجذب نحو من يلامس دواخلنا، الصديق الأقرب هو صاحب العوامل المشتركه الأكثر فيما بينا ، ذوالإهتمامات المشابهة أو الموازية لإهتماماتنا في تلك الفترة .

وعند دخول الجامعه -المرحلة الختامية في سلم التعليم- تعاد ترتيب الكثير من المفاهيم،هذه المرحله التي يتوجها النضوج, تتسم بالعمق والحكمة وهذا لا يعني خلوها من لحظات "طيش" في بعض الأحيان، الرحلة ذات الأربع سنوات -على الأقل- لها طابعها المميز، يتنوع فيها الأشخاص ما بين أصدقاء وعابرون. صديقك الأقرب هو رفيق كوب القهوة خاصتك في كل صباح، الذي لا يهمه أن يدرج اسمه في قائمة الغياب عن  المحاضرة مقابل أن يشاركك وجبة طعام فترة الإستراحه ،هو اليد التي تمتد لك مواسية عندما تخفق في مقرر ما .

تتنوع العلاقات في حياتنا بين  (صداقة،أو حب، أو ارتباط) ،وفي ظل هذا التنوع نحن مطالبون دائماً بحسن الاختيار، ليس بالأمر السهل أن تنجح اختياراتنا في كل مرّة، فكرة انتقاء صديق وفيّ تجده متى احتجت، صديق يقبلك بكل ما فيك من عيوب، صديق لا يخذلك في أوهن لحظاتك. هذه بحد ذاتها فكرة غير منصفه، الأمر ذاته حين يتعلق بإختيار "شريك الحياة "،دائماً ما نبحث عن الكمال -أو ما يوازيه - في الأشخاص من حولنا، و نغفل حقيقة أنفسنا، علينا أن نعترف أنا لسنا بالأشخاص الجيدين دوماً، و قد لا نكون على قدر من الوفاء والإحسان لمن حولنا، علينا الكف عن لعب دور الضحية دائماً  في العلاقات وتقبل حقيقة دور "الجاني" أحياناً.

في علم الكائنات(الحيوانات والنباتات) هنالك أنواع من العلاقات بين الكائنات تصنف حسب علاقه كل كائن بالاخر مثل (علاقة تعايش،او تقايض أو افتراس....)، ولا أجد هذا التصنيف بعيداً عن علاقة الإنسان مع محيطه من الاشخاص . فعلاقة التعايش-على سبيل المثال- أجدها تتجلى في بيت كل منا،هذا النوع يمثل العلاقة مع الأهل على وجه التحديد، هي العلاقة الوحيدة التي لا تملك فيها حق الاختيار ، بكل ما يحمله أفراد الأسرة من محاسن أو عيوب أنت تتعايش رغماً عنك .

ولو تحدثنا عن "التقايض"، فهذا النوع من العلاقات أراه يلمع في سقف ميدان العمل -غالباً- فأبرز ما يميزه المصالح المتبادلة، وهذا ليس بالأمر السيء دائماً على كل حال . أما بالنسبه لعلاقة الإفتراس، فنحن لا ولن نضع أنفسنا إلا مكان الفريسة، يصعب علينا  أن نر أنفسنا في دور "المفترس" .

وفي إطار مختلف هنالك نوع من العلاقات أسميه "العلاقة المكانية"، تلك العلاقه المقترنه بمكان معين ،تبدأ بدخولك هذا المكان وتنتهي فور انتهاء تواجدك فيه، ف على سبيل المثال قد  تكون على علاقه جيدة ببعض الأشخاص في عملك، لكن حدود علاقتك بهم لا تتخطى أبواب المكان، لحظة انتهاء وجودك في المكان تنتهي صلاحية هذه العلاقة

وبين علاقات وصداقات أو حتى خيبات، يكثر مرور العابرين، وفي النهاية البقاء للأصدق والأوفى .