يوميات معلمة روضة - الحلقة الثامنة

Blog Image
  • Author

    حنان شبيطة

    معلمة روضة - منتيسوري
  • Date

    25 April 2019

قال غيث و بكل ثقة : "خلص يا مس سوف أسرق الطعام منه!" اهتزت أذني لما سمعت و نظرت بدهشة كبيرة الى غيث و فكرتُ للحظة هل هذا الذي أمامي طفلٌ صغير أم رجل كبير بهيئة طفل!

لقد كان اقتراحه صادما جداً، سألته: " هل تعرف معنى كلمة سرقة ياصغيري؟" أجابني بالثقة ذاتها: " نعم أعرف, هي أن آخذ ما أريده بأي وقت"، قلت له: " السرقة هي أن تأخذ ماليس لك بأي وقت و ليس العكس".

نظر الي مستغرباً و كأنه لم يفهم الفرق بين الجملتين، سألته بعد أن لاحظت حيرته: " هل تحبُ يا صغيري أن يأتي شخص و يأخذ منك حقيبتك الجميلة بدون اذنك و لايعيدها لك؟", قال: "لا طبعاً"، قلت له: " لماذا؟" قال لي غيث: " لأنها لي و هو يريد سرقتها مني". اكملت سريعا: " اذاً هل يجوز أن تسرق طعام صديقك و تأخذه بدون اذن؟", أجابني بهزٍّ رأسه بالنفي لا يا مس لا يجوز.

أكملت حديثي مع طفلي الصغير بعد أن شعرت بالقليل من الراحة و شرحت له بكلمات بسيطة أن السرقة سلوك خاطىء و أن الله حذرنا من هذا السلوك، و في نهاية حديثي معه أعطاني غيث وعداً بأن لا يكرر هذا السلوك مرة أخرى.

جاء وقت راحتي بعد أن سلمت الصف لمعلمة اللغة الانجليزية، جلست أفكر بالظروف و العوامل التي تجعل طفلاً يفكر بهذه الطريقة، سألت نفسي ما الأسباب التي قد تسحبُ براءة الطفولة و تحولها الى سلوكيات تفتقر للبراءة!

الساعة الواحدة ظهراً، انه وقت مغادرة الأطفال و كالعادة جاء والد غيث بالوقت المحدد لأخده، القيتُ التحية عليه و طلبت التحدثَ معه. شرحتُ له ما حدث مع غيث اليوم و انتظرت بصبر جواب الأب علّهُ يعرف سبباً يفسرُ تصرف غيث.

قال لي الأب أنه في كثيرمن الأحيان يصطحب ابنه غيث معه الى العمل فهو يعمل كمراقبٍ للعمال في مصنع و يتركه يتجول بين العمال بحرية و يجلس و يتحدث معهم في الكثير من الأحيان، قال الأب : "من الممكن أن يكون قد استمع الى حديث غير مناسب أثًّرعليه بطريقة خاطئة".

انهيت حديثي مع والد غيث و كنت قد اقتنعت بما قاله لأن ذهاب طفل صغير الى عمل والده في مصنع و التجول بين العمال بدون رقابه قد يكون سببا مباشراً لتحول سلوك طفل ذكيّ قوي الشخصية مثل غيث من طفل بسلوك بريء الى رجل بهيئة طفل يفتقد الى البراءة و الفطرة.

شرقت شمس يوم جديد و ذهبت الى عملي عالمعتاد، دخلت صفي و بدأت العمل، صرخ أحد الأطفال مس تعالي ساعديني !! ذهبت مسرعاً و سألت ماذا حصل، أجابني كل الأطفال إنه غيث يا مس....!

غيث الطفل الذي لا يهدأ ..... انه التحدي الجديد ..... يتبع

ملاحظة: القصة مأخوذة من أحداث حقيقية ولكن تم تغيير الأسماء إحتراماً لخصوصية الأطفال.