يوميات معلمة روضة - الحلقة التاسعة

Blog Image
  • Author

    حنان شبيطة

    معلمة روضة - منتيسوري
  • Date

    25 April 2019

غيث..... تحدٍ جديد...

عندما جاء الطفل غيث الى الروضة، كان اسمه مسجلاً في شعبة غير شعبتي، ولكنه رفض الدخول لصفه  المحدد مسبقاً و كان يتجول بين صفوف الروضة الأولى بثقةٍ  كبيرةٍ و كأنه الآمر الناهي بالمكان، يدخل صفاً ثم يقول لا أريده,ثم يذهب لغيره  و يقول لم أحب هذه المعلمة، وكان والده يتمشى خلفه و هو يضحك بإعجاب لأنه يعتقد أن هذه ثقة بالنفس يبديها طفله غيث.

وصل تجول غيث مع والده و مشرفتي الى صفي و استقبلته كما أستقبل  كل الأطفال الجدد، عانقته و قلت له أهلاً و سهلاً يا صغيري انظر كم هو صفنا جميل، و فعلاً دخل سعيداً الى الصف و شعر والده بالراحة التامة لأنه ابنه قد أعجب بصفٍ أخيرا !!

السيناريو السابق الذي حدثتكم به أخبرتني به مشرفتي في وقت لاحق بعد أن أصبح غيث جزءاً من عائلتي الصفيّة.

كان غيث طفلاً فريداً من نوعه بكل الجوانب، ذكي...كثير الأسئلة....فضولي...عنيدٌ جداً و كثير الحركة لدرجة أنه لم يكن يجلس في مكانه لمدة تزيد عن خمس دقائق، يمتلك نظرة غريبة غي عينيه و كأنها تقول أنا أعرف ماذا أريد و سوف أشغلكم جميعا بي هذا اليوم!

بدأت أكتشف سلوكيات و شخصية غيث سريعاً لأنه ما إنفّك يفاجئني كل يوم باكثر من موقف حتى استطعت خلال أسبوعين أن أكتشف شخصيته التي وصفتها في حلقتي السابقة بأنه رجلٌ كبير بهيئة طفلٍ صغير. كان يأتي صباحاً كل يوم وهو ممتلىءٌ بالطاقة و قرر بشكل مسبق أن يشغلني أنا قبل أن أشغله.

كان استعراضه لشخصيته يبدأ من الطابور الصباحي، فقد كان الطفل الوحيد الذي يقفُ عكس الطابور و هدفه هو لفت أنظار الجميع من حوله، كانت محاولاتي لاقناعه بأن يقف بشكل صحيح تزيده اصراراً على الوقوف عكس الطابور، فقد كان انتظامه بالطابور شيئاً صعباً. و بعد مجموعة من المحاولات لاقناعه للإصطفاف بشكل صحيح كان الحل الأفضل هو تجاهل هذا السلوك الذي كان يهدف من خلاله الى لفت نظري فقط، و بعد تجاهلي لسلوكه لفترة من الزمن و لعدة أيام لاحظت أنه بدأ بالتخلي عنه و لكن بصعوبة كبيرة، و في كل يوم كان يصطف فيه بانتظام كنت أعززُ سلوكه الصحيح.

داخل الصف ..... لم تكن المهمة سهلةً أبداً و للأسف في بعض الأحيان كنت أشعر أنها مستحيلة!

لم يكن يمر يوم من أيام الدوام المدرسي الاّ و كان غيث يمارس العديد من السلوكيات الغير مقبولة مثل عدم الالتزام بوقت الطعام مع جميع الأطفال، ومضايقة الأطفال بشكل مستمر وقت طعامهم من خلال الركض داخل الصف و لمس طعامهم دون اذن، الخروج من الصف بدون اذن و اغلاق الباب بقوة، و كان التحدي الأكبر و السلوك الأصعب الذي واجهته مع غيث هو ماكان يفعله بشكل مقصود خلال سير الحصة الدراسية مثل مسح السبورة بدون اذن، و رمي جميع الأنشطة الفنية التي توزع على الطاولات على الأرض و تشتيت انتباه الأطفال و غيره و غيره.

كمعلمة أطفال استخدمت أكثر من طريقة للتخفيف من حدة سلوك غيث مثل اعطاءه دور القيادة داخل الصف و ذلك بأن يكون مساعدي في توزيع الأقلام و الكتب على الأطفال، و أن يكون المسؤول عن تنظيف السبورة عندما أطلب منه، بالإضافة إلى اعطاءه أكثر من ورقة عمل لنفس الدرس و ذلك لأنه طفل ذكي و سريع الانجاز. و رغم كل ما سبق كان في بعض الأحيان يفعل ما يطلب منه و ينهيه مسرعاً و يعود الى سلوكه الصعب مرة أخرى، و أحياناً أخرى كان يرفض الاستجابة لي و يرفض الكتابة !

بعد كل هذه الملاحظات كان يجب أن أجتمع مع والديه حتى أحاول فهم شخصية غيث و حتى نعمل بشكل مشترك داخل الصف و بالمنزل ....يتبع.

ملاحظة: القصة مأخوذة من أحداث حقيقية ولكن تم تغيير الأسماء إحتراماً لخصوصية الأطفال