يوميات معلمة روضة - الحلقة الثانية عشر (أنا وطفلي)

Blog Image
  • Author

    حنان شبيطة

    معلمة روضة - منتيسوري
  • Date

    31 August 2019

و هنا بدأ التحدي الذي لم أتمنى يوماً أن أكون طرفاً به ...!

في كل مرة كنت أخوض تحديّاَ مختلفاً مع أحد طلابي كنت أنجح به بعد جهدٍ و تفكير و حبٍ كبير بيني و بينه، لكن هذه المرّة كان التحدي مختلفاً، هذه المرّة كنت "أنا و طفلي"!

نظرت حولي بعد صراخ طفلي في وجهي و رفضه الذهاب لصفه و رأيت كل من حولي ينظر لي بإستغراب لا يخلو من انتظار و ترقب لردِّت فعلي ، هل سأغضب و أفقد صبري، هل سأبكي من قلة الحيلة معه أم سأتصرف وكأن المكان خالٍ من حولي؟

فكرت سريعاً و قلبي ينبض مسرعاً و أخترت الخيار الأخير، قررت أن أتصرف و كأنني أنا و طفلي وحدنا في هذا المكان ، نظرت اليه بحب المعلمة الكبير لطفلها، بل بحب  أكبر بكثير و هو حب أم تعشق طفلها الصغير، نظرت الى عينيه الصغيرتين المغلفتان بغضبٍ لا يناسب حجمه الصغير و قلت له تعال اليّ وعانقته بقوة و همست في اذنه و قلت: " ماما حبيبي أنا هنا معك و لن أذهب الى أي مكان بعيد عنك فأنت حبي و قطعة من قلبي .... لا تخف أنا معك".

و فعلاً رهاني على هذا العناق القوي كان ناجحاً، هدأ طفلي و قال و عيناه قد امتلأت بالدموع: "ماما يعني أنت لن تتركيني ؟ أجبته بحزم و اصرار لأ طبعا و لكن عليك أولاً أن تذهب الى صفك و تقوم بواجباتك و أنا سوف أنهي عملي و آتي اليك مسرعةً".

ذهب طفلي حمزة الى صفه بخطوات مترددة و لكنه ذهب أخيراً. في تلك اللحظة قررت أن أتعامل دائماً مع طفلي دون أن أكترث لما يقوله الناس من حولي، فأنا أعرف طفلي جيداً و لن أقع في فخ الخوف من الحكم المسبق للأشخاص من حولي.

استدعتني مشرفتي بعد ذلك الموقف الي مكتبها و سألتني عن سبب تصرف ابني بغضبٍ كبير اتجاه من حوله و اذا كان يعاني من مشكلة ما؟

أجبتها و قلت : "ان طفلي حمزة يظهر سلوكاً عنيفاً و غضباً كبيراً ليعلن لي و لكم بأنه يرفض المكان الجديد و أنه يريد العودة الى روضته السابقة برغم من أن هذه الروضة ممتازة بكل المقاييس و لكن كما تعرفين فإن التغيير و الإنتقال الي مكان جديد خطوة صعبة على الأطفال الصغار، و هذه هو السبب الأول لغضبة".

أما السبب الثاني فهو وجودي معه، هو يعتقد أنه سيبقى معي طوال الوقت هذا غير ممكن أبداً. و بعدها سألتي مشرفتي هل تتوقعين أن سلوك طفلك يتغير و يتحسن. أجبتها بثقة و قلت: " نعم ...طبعاً سوف يتغير و سوف يعود الى طبيعته بعدما يتأقلم مع المكان الجديد فحمزة طفل رائع .. أعدك".

أبدت مشرفتي تفهماً كبيراً لما حدث و هذا ما كان من شأنه بأن يمدّني بطاقة ايجابية لأكمل بحماس في عملي الجديد.

مرّت أيام من الصراع مع طفلي فتارةً يمضي يوماً رائعاً بدون أي مشكلة و تارةً أخرى يحدث الكثير من المشاكل!

و بعد مرور شهرين بدأ طفلي يشعر بالإستقرار و الإنتماء في مكانه الجديد وبدأت أشعر أنا بالراحة الداخلية نوعاً ما، فقد أبدى تحسناً و تقبلاً للمكان الجديد بنسبة عاليه، بالرغم من أنه لم يكن يخلو يوم من الأيام من المشادات السرية بيني و بينه.

بدأت بعد مرور الوقت بسماع بعض ردود الفعل الايجابية التي تتحدث عن تغيير طفلي للأفضل و عن صبري الطويل على سلوكه الغير مقبول، و ردود الفعل الإيجابية تلك كان لها وقع ايجابيٌ داخل نفسي .

الحمد لله هدأت عاصفة طفلي و شعرت أنني نجحت معه و مرّ الوقت.....

جاء الفصل الثالث و بدأ، و كنت كعادتي أحب البدايات دائماً. بعد مرور أيام قليلة من شهر نيسان، ذهبت في مراجعة دورية الى طبيبي و بمحض الصدفة اكتشف وجود مشكلة صحية في جسمي و كان لابد من اجراء عملية جراحية في اسرع وقت .

أبلغت عملي بوضعي الصحي و أنني بحاجة الى اجازة مرضية لمدة أسبوعين حتي اقوم باجراء العملية و استعيد صحتي . وأول ما فكرت به هو " طفلي الصغير " كيف سأتركه لمدة اسبوعين كاملين بالروضة و هو متعلق بي جدا. شعرت بغصة في حلقي.

هل سأخوض التحدي من جديد ..!