الصداقة الحقيقية هي من أرقى العلاقات الإنسانية التي تدخل على حياة الإنسان وترفع من قيمتها بوجود دعم نفسي واجتماعي في حياة الفرد. تختلف طبيعة الصداقات في مجتمعاتنا الحالية بسبب اختلاف الحياة ودخول التكنولوجيا عليها. لكن هل تختلف الصداقات الحقيقية والتي لها جذور بالأرض و مرتبطة بكل جزء من حياتنا وتدخل ضمن أحداث وذكريات أيامنا عن الصداقات الإلكترونية والتي أصبحت جزء لا يتجزء من حياتنا لإرتباط فكري أو عاطفي أو أحياناً خيالي بالإنسان خلف الشاشات؟ وبإختلاف الآراء عن هذا الموضوع يرى كثير من الناس أن الصداقات الإلكترونية مهمة في حياتنا الآن وتجعل الإنسان على طبيعته أكثر ويظهر مايريد فقط في هذه العلاقة.

 أتذكر كيف تعرفت على صديقة عمري عندما كان عمري 11 عشر عاماً, كنت قد تركت الكويت بعد حرب الخليج وكنت جالسة في مقعد الصف لا أعرف أي من الطالبات اللاتي حولي, كنت أشعر بضيق الغربة والمجهول معاً, عندما دخلت صديقتي وجلست بجانبي وأحسست أنها تشعر بنفس الشعور الذي أشعر فيه بتلك اللحظة. عندها حاولت أن أبدأ معها حوار علّني أستطيع الإندماج في مكاني الجديد, وهنا عرفت أننا نملك نفس الشعور عندما قالت لي أنها أيضاً مِن مَن تركوا الكويت. في ذلك الوقت كان ذلك كافي جداً بالنسبة لي وأزال شعور الغربة عني, وذلك اليوم كان بداية لصداقة دامت حتى الآن لأنسانة هي أخت من أخواتي. وهي أول من يحضر ليكون بجانبي في السراء والضراء, فهي من تعرف كيف أفكر وطبيعة مشاعري وصدقها في كل لحظة, هي من أشعر بالحاجة للحديث معها عندما أشعر بالضيق, وهي من لن تشكك بصدقي حتى لو لم نتحدث لمدة طويلة بسبب انشغالاتنا.

بالمقابل كل منا له أصدقاء التكنولوجيا الذين أحبهم وتعرف عليهم وشعر بقربهم منه حتى لو كانوا عن طريق السوشيل ميديا أو من خلال لقاء عابر شعرنا بلحظتها أن هنالك رابط بيننا. تعرفت يوماً على صديقة بعيادة طبيب, بدأت بسؤال وبسبب سهولة التعارف أكثر عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي, انتهت بصداقة قائمة حتى الآن بسبب تقارب الأرواح. وكل منا أيضاً تعرف من خلال جروبات الفيس بوك وغيرها على أناس ربطنا بهم اتفاق فكري جعل الأرواح متقاربة لحد السؤال والإطمئنان عليهم دائماً.

الصداقات مهما اختلفت طبيعتها ونوعها فهي مهمة في حياتنا. لا يستطيع الإنسان أن يعيش حياة كاملة من جميع النواحي الفكرية والعاطفية والإجتماعية إذا لم يكن هنالك إنسان قريب منه ويستطيع أن يقرأ ما خلف السطور وقادر على اعطائنا العذر عند التقصير لأنه هو من يعرف مدى طهر ونقاء قلوبنا. الصداقة عامود مهم في حياتنا ينير .الطريق أمامنا, فلا تهملوا هذا الجانب في حياتكم