مستجدات عن جائحة الكورونا

Blog Image
  • Author

    هلا الطاهر

    أخصائية علم الطب الجزيئي والوراثة
  • Date

    19 March 2020

بعد أن صنف الكورونا بالجائحة، تغيرت المعطيات والنصائح وأصبح من المهم أن نبقى على اطلاع بالمستجدات مع الإبتعاد عن الشائعات والمعلومات الباعثة على الهلع غير المبرر. فما الملخص لما ييجب علينا فعله و فهمه؟

أولا، أود التأكيد على فكرة أن الفايروس هو مركب مجهري وليس كائن حي، بمعنى أنه خارج الجسم الحي لا يمكنه التحرك أو التكاثر، ويبقى مكانه فقط لساعات معدودة قبل أن يتفكك أو يتلاشى. فلا خوف من أن ينمو أو يتكاثر على الأطعمة مثلا، نطلب من الجميع الحرص عند شراء الحاجيات فقط لإحتمال ضئيل بأن يكون شخص مصاب قد عطس أو سعل امام البضائع خلال البضع ساعات السابقة. وبفهمنا لهذه الحقيقة نستطيع أن نستنتج ونقدر ما يجب علينا بدون مبالغات.

ثانيا، الفايروس في أغلب حالاته ليس خطيرا وقد يتم الشفاء منه خلال عدة أيام بدون مسستشفيات ولا تدخلات طبية، والهدف من المستشفى يتركز بالعزل وليس العلاج في أغلب الحالات، ولكن طبيعة الأجسام تختلف و من الممكن ان يصبح خطيرا للغاية عند البعض ويحتاج تدخل طبي للحفاظ على وظائف الرئة. يجب على الجميع التركيز على الحفاظ على غذاء صحي و مناعة مرتفعة لتتمكن اجسامنا من محاربة المرض في هذه الفترة الحرجة.

 موضوع العزل المنزلي أو تجنب اللقاءات الغير ضرورية هو اجراء لا يهدف فقط الى حمايتنا كأفراد أصحاء من العدوى، ولكنه يهدف الى حماية الأفراد الأقل حظا من التعرض للعدوى. فقد تعمل انت أو ابناؤك كحامل للمرض بدون أن تصاب، كمثال على ذلك لنعتبر الفايروس ذرة غبار، عندما يعطس شخص مصاب سطح بمكان عام فان هذا السطح يمتلىء بذرات الغبار (ألفايروسات)، وقد يمر طفل -أو كبير- ويمسك السطح ثم يمسك سطح آخر فيترك عليه بعض الذرات وهكذا، ربما يعقم الطفل يده ولا يأخذ العدوى ولكنه نشر ذرات الغبار في مساحة اكبر واصبحت احتمالية أن يلمسها اشخاص آخرون أعلى.

بالنسبة الى النقاش حول أصل الفايروس وهل هو مصنع أم طبيعي، فهنالك العديد من النظريات والسيناريوهات حول أصله، وقد أصدرت مجلة nature الشهيرة دراسة تميل نحو نظرية أنه تطور طبيعي لفايروس الكورونا الموجود سابقا. لا يمكن الجزم بهذه القضية ولا اثبات حقيقة الفايروس وستبقى مجرد نظريات مثل العديد من الفايروسات التي ظهرت بالسنوات السابقة.

أما بالنسبة للقاحات وكمية المعلومات عن لقاحات متوقعة، فقد بدأ فعليا فحص أول لقاح محتمل بعد 60 يوما من اعلان الجينوم للفايروس، وهذا نتاج البحث المضطرد والمركز عن علاج او لقاح سريع من قبل اتحاد مجموعات بحثية في انحاء العالم، ومع أن خبرة وعلم اللقاحات ليست جديدة ولكن أي لقاح محتمل يجب أن يدخل اطوار كثيرة من التجارب قبل أن يمكن طرحه للعامة، كما يتم اختبار العشرات من اللقاحات المحتملة، وحتى في حالات الطوارىء ما يزال أمامنا اشهر قبل توفر لقاح.

فما القادم الآن؟ بالحقيقة كل ما علينا الإلتزام بالتعليمات ومراقبة المستجدات، فهذه حالة جديدة عالميا والتنبؤ بالقادم ليس سهلا. حيث تقدم منظمة الصحة العالمية النصح والإرشاد لجميع الأفراد والدول كل حسب الوضع الحالي فيها، والنصائح العامة أجمعت على البقاء بالمنازل وتجنب التجمعات والتوجه للفحص في حالة المرض للمساعدة على السيطرة على هذا الوباء. الوباء سوف يستمر لمرحلة معينة والحالات قد تزيد قبل أن تبدأ بالتراجع، ولكن كمية الإصابات الجديدة في كل بلد تعتمد بشكل أساسي على تصرفات الأفراد في هذا البلد.

لإضافة بعض الإيجابية، من الرائع أن نرى العالم أجمع يتحد تحت تهديد واحد وتنتهي كل الخلافات والإتجاهات المختلفة ليتحد الجميع تحت عنوان الإنسانية. و مثلما تتعافى الأرض في هذه الأيام من التلوث و تصفو الأجواء والبحار، نتأمل أن تكون هذه التجربة بمثابة بداية جديدة لعالم أكثر حبا وصفاء.